شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
148465 مشاهدة
الاعتكاف

وكان صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، واعتكف أزواجه من بعده متفق عليه .


الاعتكاف:
قوله: وكان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، واعتكف أزواجه من بعده .
الاعتكاف: هو لزوم المسجد لطاعة الله فيلزم مسجدا من المساجد ليتفرغ للعبادة وينقطع عن الدنيا وعن الانشغال بها ويقبل على الله تعالى.
ويعرفه بعضهم تعريفا حقيقيا، بقوله: الاعتكاف هو قطع العلائق عن الخلائق للاتصال بخدمة الخالق، ومعنى قطع العلائق عن الخلائق، أي: الانقطاع عن مخالطة العوام وعن مجالستهم للاتصال بخدمة الخالق، أي: للتفرغ لخدمة الله تعالى، أي: عبادته وطاعته.
وقد ذكر الله الاعتكاف في قوله تعالى: أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ [البقرة: 125] وفي قوله تعالى: وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة: 187] وكان أهل الجاهلية والمشركون يعكفون عند معبوداتهم، قال تعالى: وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ [الأعراف: 138] وحكى عن قوم إبراهيم أنهم قالوا: نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ [الشعراء: 71] فهذا العكوف إقامة طويلة عند تلك المعبودات، فشرع الله تعالى للأمة إقامة في المساجد للتفرغ للعبادة، وخص بالمساجد، فلا يجوز في غيرها؛ لأن ذلك يفوت الصلوات مع الجماعة، لأنه إذا اعتكف في بيت، فإما أن يخرج كل يوم خمس مرات، وكثرة الخروج تنافي الاعتكاف الذي هو طول المقام، وإما أن يترك الصلاة مع الجماعة، فيترك واجبا من واجبات الإسلام وهو صلاة الجماعة.
وقد لازم النبي -صلى الله عليه وسلم- الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان في كل عام .
إلا مرة واحدة لما اعتكف معه ثلاث من نسائه، وضربن لهن أقبية، فترك الاعتكاف تلك السنة، واعتكف عشرا من شوال من باب القضاء .
وذكروا أيضا أنه كان يعتكف العشر الأواسط قبل أن يأتيه الخبر أن ليلة القدر في العشر الأواخر، فاعتكافه كان التماسا لليلة القدر التي من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، رجاء أن يوافقها.